ماذا يحدث في دماغ الطفل؟
دماغ طفلكِ في هذا العمر يعمل بسرعة فائقة لتعلم كلمات وعبارات جديدة، وهذه الأفكار تتدفق بسرعة كبيرة. في الوقت نفسه، تحاول عضلات الفم واللسان أن تواكب هذه السرعة، لكن في بعض الأحيان، لا يكون التنسيق بين الدماغ والعضلات مثالياً، فتحدث التأتأة.
الأبحاث تقول إن السبب الأساسي للتأتأة هو اختلافات بسيطة جدًا في طريقة نمو المناطق المسؤولة عن الكلام في الدماغ. هذه الاختلافات ليست كبيرة ولا تعني وجود مشكلة خطيرة. الأطباء يستخدمون استعارات بسيطة لتوضيح هذا الأمر، مثل تشبيه دماغ الطفل بمحرك سيارة يحتاج إلى وقت ليصبح سلسًا تمامًا ، أو دائرة كهربائية تحتاج إلى بعض الوقت لتقوى فيها الوصلات.
قد يكون للجينات دور في التأتأة ، وهذا يعني أنها قد تكون جزءًا من تاريخ العائلة. لكن وجود شخص في العائلة يتأتئ لا يعني بالضرورة أن طفلكِ سيتأتئ. كما أن التأتأة قد تظهر لدى طفل ليس لديه أي تاريخ عائلي للمشكلة. هذا يؤكد أن الجينات ليست السبب الوحيد، بل هي عامل من بين عدة عوامل.
والخبر الجيد هو أن دماغ الطفل يتميز بالمرونة وقدرته على التكيف. وهذا يعني أن الأخصائيين يمكنهم العمل مع طفلكِ لتقوية هذه الروابط وتحسين سلاسة الكلام. التدخل المبكر مهم جدًا لأنه يقلل من المخاطر المرتبطة بالتأتأة ويساعد الطفل على تخطي هذه المرحلة بنجاح.
أسباب اخرى تجعل التأتأه تستمر قد تكون عوامل مساعدة وليست أسباباً أساسية:
1. الضغوط الأسرية والقلق
خلافات الأبوين: قد تؤدي الخلافات المستمرة بين الزوجين إلى خلق بيئة منزلية مليئة بالتوتر والقلق، وهو ما قد يؤثر على نفسية الطفل ويساهم في زيادة التأتأة لديه.
أسلوب التربية: على الرغم من أن أسلوب التربية لا يسبب التأتأة، إلا أن بعض الأساليب التي تتسم بالضغط أو التوقعات المبالغ فيها من الطفل قد تزيد من قلقه وتؤثر على طلاقته.
2. العوامل النفسية للطفل
طبيعة الطفل: بعض الأطفال لديهم طبيعة حساسة أو أكثر ميلًا للقلق بطبيعتهم، وهذا قد يجعلهم أكثر عرضة لتأثير الضغوط البيئية، مما قد يؤثر على سلاسة كلامهم.
الوعي بالمشكلة: عندما يدرك الطفل أنه يتأتئ، قد يشعر بالإحباط أو الخجل، وهذا القلق الناتج عن الوعي بالمشكلة قد يزيد من التأتأة لديه، مما يخلق حلقة مفرغة.
3. تأثير العوامل الخارجية
التغيرات الكبيرة في حياة الطفل: قد تكون الأحداث الكبرى في حياة الطفل، مثل ولادة أخ جديد، أو الانتقال إلى منزل جديد، أو البدء في الحضانة، بمثابة محفزات مؤقتة تزيد من التأتأة بسبب التوتر الذي تسببه.
الضغط الاجتماعي: التفاعل مع الأقران وردود فعلهم قد يؤثر على ثقة الطفل بنفسه ويزيد من قلقه، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم التأتأة.
التأتأة ليست حالة دائمة، بل هي اضطراب يمكن التعامل معه، خاصةً عند التدخل المبكر.
إن مفتاح التعامل مع التأتأة يكمن في التعاون بين الأبوين والطفل وأخصائي أمراض النطق واللغة. يُعد دور الأبوين حاسماً في دعم الطفل عاطفياً، وتوفير بيئة منزلية هادئة ومطمئنة، بعيداً عن التوتر والضغط. من خلال هذا الدعم، يمكن تقليل العوامل البيئية التي قد تزيد من التأتأة وتفاقمها.
إن العلاج المبكر لا يركز فقط على تحسين طلاقة الكلام، بل يهدف أيضاً إلى تعزيز ثقة الطفل بنفسه، ومساعدته على تجاوز أي مشاعر سلبية قد تنشأ لديه. بالصبر والمثابرة، يمكن للطفل أن يتعلم استراتيجيات تساعده على التواصل بسلاسة وفعالية، مما يمهد له الطريق لمستقبل مشرق خالٍ من القيود.